كشف حساب دراما رمضان«٢» «عدي النهار».. عن هزيمة «وطن» وليس «نظام»

عدد كبير من المسلسلات تناول عام النكسة ١٩٦٧، لكن مسلسل «عدي النهار» تناول انعكاسها بالتفصيل علي الشعب المصري وحياته وأحلامه التي قتلت بسبب الهزيمة.
وابتعد المسلسل تمامًا عن تفسير الهزيمة سياسيا أو عسكريا، واهتم بالنتائج الاقتصادية والاجتماعية لوقوعها كاشفًا الفساد وسوء استخدام السلطة والإحباط الذي هزم بلدًا بأكمله.
ويحسب للكاتب محمد صفاء عامر جرأته في تناول هذا العام «المهم» في تاريخ مصر، كما يحسب للممثل الكبير صلاح السعدني أن يقدم دور بطولة مسلسل لكن بمشاهد قليلة وليس «من الجلدة للجلدة».
ويحسب للمخرج الكبير إسماعيل عبدالحافظ، جرأته في إسناد دورين مهمين في المسلسل لممثلتين لا يخطر علي بال أحد اختيارهما في مسلسل بهذه الأهمية وهما: نيكول سابا ورزان مغربي اللتان قدمتا أداءً جيدًا في حين أنهما تمثلان للمرة الأولي في الدراما المصرية.
«المصري اليوم» حاورت عامر وعبدالحافظ والسعدني ونيكول الذين تحدثوا عن كيفية التحضير للمسلسل والكتابة والشخصيات والأداء وأسلوب الإخراج ليخرج العمل بهذا الشكل المميز رغم أنه لم يحظ بنسبة مشاهدة عالية.
صلاح السعدني: النكسة تحتاج إلي أكثر من مسلسل
من مسلسل «نقطة نظام»، الذي عرض العام الماضي إلي «عدي النهار» الذي يعرض حاليا، لم يختلف حماس صلاح السعدني السياسي في أعماله الدرامية، مثلما اعتدناه من قبل في معظم أعماله، فالدراما التليفزيونية في نظر «السعدني» ليست مجرد قصة وسيناريو وإخراج وتمثيل، بل حياة يستمدها من الواقع ويجسدها دراميا علي الشاشة الصغيرة، فيمتع مشاهديه بأعمال ذات ثقل سياسي وفني.
* هل أنت راض عن نسبة مشاهدة «عدي النهار»؟
- أعتقد أنه حصل علي نسبة مشاهدة جيدة، ففي ظل هذا الكم الهائل من الأعمال التي عرضت تلقيت اتصالات كثيرة من الجمهور أشادت بالمسلسل، خاصة أنه لا توجد به أحداث مفتعلة أو تربص بالقتل أو نفخ في الأحداث، كما حدث في بعض المسلسلات التي عرضت في رمضان.
* لماذا أعجبت بتقديم «عدي النهار» رغم تناوله فترة زمنية سبق تقديمها أكثر من مرة؟
- هذه الفترة سبق تناولها بالفعل، ولكن بشكل سريع رغم أنها فترة حساسة في تاريخ مصر، فالمؤلف محمد صفاء عامر تناولها منذ عام ١٩٦٦ حتي أوائل عام ١٩٦٨، بتركيز شديد علي كل ما جري في تلك الفترة، فرصد مواقع متعددة من مدن وقري مصر، وليس من المعقول أن يتصدر المخرج الكبير إسماعيل عبدالحافظ لعمل إلا إذا كان له هدف وقيمة فنية، وهو تعريف الشباب الذي لم يعاصر تلك الفترة بأهميتها في تاريخ مصر، وقد عاصرت تلك الفترة في شبابي وأعرف أنها مليئة بالأحداث.
* لم نسمع من قبل عن شخصية باسم «جلال عارف» ضمن الضباط الأحرار؟
- المسلسل لا يقدم سيرة ذاتية لأحد ولم نقصد شخصًا بعينه فهذه الشخصية من وحي خيال المؤلف، والهدف من هذا العمل هو رصد ظروف البلد في عام ونصف العام، من خلال أحد الضباط الأحرار الذي كان له دور مهم في ثورة يوليو.
* رغم أن المسلسل تدور أحداثه بين ١٩٦٦ و ١٩٦٨ فإنه لم يلق الضوء علي النكسة بشكل كاف؟
- لأن النكسة ليست من أهداف العمل، كما أنها تحتاج إلي عمل مستقل، لأنها غنية بالأحداث و«عدي النهار» يركز أكثر علي الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها مصر في تلك الفترة.
* هل تتعمد تقديم هذه النوعية من الأعمال التي تميل إلي السياسة؟
- أنا لا أتعمد ذلك، ولكن المخرجين والمؤلفين يعرفون ميولي السياسية فيرشحونني لهذه النوعية من الأعمال التي تناقش أوضاع المجتمع المصري، كما أن كل القضايا التي تطرح في الأعمال الدرامية حاليا أصبحت سياسية، وهذا يختلف عن السنوات الماضية، حيث كان يتناول العمل السياسي قصور الملوك، أما الآن فكل الأعمال تقدم فساد رجال الأعمال والمشاكل التي يعانيها المواطن المصري للحصول علي رغيف العيش وهذا سياسة.
* البعض اعتبر دورك في «عدي النهار» استكمالا لمسلسلك الماضي «نقطة نظام» مع المؤلف محمد صفاء عامر.. فما تعليقك؟
- المسلسلان يتناولان المرحلة التاريخية نفسها، لكنهما يختلفان كثيراً من ناحية الخط السياسي، لأن معظم أحداث «نقطة نظام» تدور حول أسري حرب ١٩٦٧ الذين قتلوا بطريقة بشعة و«عدي النهار» يتعرض للظروف التي مر بها البلد خلال تلك الفترة من خلال شخصية جلال عارف.
* هناك أكثر من عمل تدور أحداثه في فترة الستينيات.. فما تفسيرك لذلك؟
- زيادة عدد هذه الأعمال هذا العام جاء بالمصادفة البحتة فلم يكن هناك اتفاق بين المؤلفين للكتابة عن تلك الفترة، فأنا أعشق تلك الفترة العصيبة في تاريخ مصر، وعشنا مع الرئيس جمال عبدالناصر حلمًا عظيمًا في تحرير الوطن العربي وتوحيد كلمته، والارتقاء بمستوي التعليم، والإنشاء والتحديث، ولابد من زيادة كمية تلك الأعمال ليعرف جيل الشباب الذي لم يعاصر جمال عبدالناصر من هو، وماذا فعل في بلدنا، وكيف غرز فينا حب الوطن.
* هل تري أن تقديم أعمال عن فترة حكم عبدالناصر يغضب السطة الحالية؟
- بالفعل لأن عبدالناصر كان يحب شعبه، وفي مرة رفع وزير التموين سعر الأرز من قرش إلي قرش ونصف، وعندما سمع الرئيس بذلك أقال الوزير علي الفور.. عبدالناصر كان يحزن من رفع أسعار العيش والصابون والأرز وكل السلع الاستهلاكية.
وفي الوقت الحالي هناك مصريون يعيشون في ظروف صعبه للغاية، ودخول رمضان مع بداية المدارس مع العيد أربك المواطن البسيط، خاصة مع الزيادة المستمرة في ارتفاع الأسعار.
* ولكن في بداية «عدي النهار» أظهر المسلسل الجانب القبيح لرجال الثورة.. وهذا ما يؤكد كلام البعض بأن الثورة سبب فساد البلد فما رأيك؟
- المسلسل لم ينتقد الثورة، وإن كان جلال عارف قد ظهر في المسلسل يمارس سلطته، ويتصرف كيفما يشاء، ويمنع صعود أو نزول أحد في الأسانسير قبل أن يستخدمه لمدة ١٠ دقائق، ويضع حرسًا أمام العمارة، التي يسكن فيها وله السلطة المطلقة في منع أي شخص من دخول العمارة، فهذا طبيعي لأن ما يحدث في عهد مبارك أكثر من ذلك، فالشوارع تتوقف أكثر من نصف ساعة في حالة مرور موكب سياسي أو شخص مهم في الشارع.
* باعتبارك ناصريا ومن المهتمين بمتابعة الأعمال التي تدور في هذه الفترة ما رأيك في مسلسل «ناصر»؟
- لم أتمكن من متابعته ومنتظر عرضه بعد رمضان، لأنني مشغول في رمضان بمشاهدة مسلسلي وأعمال أصدقائي نور الشريف ويحيي الفخراني وأعجبت جدًا بمسلسل «ظل المحارب» للمؤلف بشير الديك، والمخرج نادر جلال، فمستواه الفني عال، كما أنني أتابع المسلسلين اللذين شارك فيهما ابني أحمد صلاح السعدني وبرنامج «سبوت نت» لـ«سمير العصفوري»، ولذلك لم أجد وقتًا لمتابعه أعمال أخري.
* العمل مع المخرج إسماعيل عبدالحافظ مختلف ويجدد طاقات صلاح السعدني.. فهل الصداقة والعمل سويا سببً هذه الحالة؟
- أنا وإسماعيل عبدالحافظ جيل واحد وقدمنا معاً العديد من المسلسلات الجيدة، فهو صاحب مدرسة خاصة، ولديه فكر ودراية بالأمور، من الصعب إيجادها في غيره، فكل العاملين معه في حالة إبداع، بسبب تدخلاته المستمرة في تقديم الشخصية فأجادت نيكول سابا ورزان مغربي.
* هل أنت راض عن تسويق «عدي النهار».. وهل هناك اتفاق تم ضد الدراما المصرية من القنوات الخليجية؟
- تسويق المسلسل ليس من اختصاصي، ولكن العمل الجيد يفرض نفسه في أي وقت وسط ٤٠ مسلسلاً، ولا يوجد أي اتفاق من القنوات الفضائية العربية ضد المسلسل المصري، فدعنا من كل هذه الشائعات التي تتردد، وعلينا أن نتحد مع الدول العربية، ونكون رابطًا واحدًا ليس في الفن فقط، إنما في الطب والهندسه والتعليم والسياسة، حتي ينصلح حال الجميع وخير دليل علي ذلك التجربة الوحيدة مع سوريا في عهد جمال عبدالناصر.
* ما تقييمك للمسلسلات التي عرضت في رمضان؟
- هناك قفزة حدثت في الفن ولم نكن مستعدين لها، فبعدما كنا ننتج ثلاثة أعمال في العام أصبحنا ننتج أكثر من ٤٠ مسلسلاً، بسبب دخول عدد كبير في عرض وإنتاج أعمال تليفزيونية، بسبب زيادة حجم الإعلانات، وللأسف نحن لم نكن مستعدين لذلك، ولم يكن لدينا مؤلفون لديهم خبرة عدا قلة في الوقت الذي يتطلب توافر عدد كبير من المسلسلات، فاتجه الكثير ممن ليست لهم علاقة بالسيناريو إلي كتابة أعمال تليفزيونية دون أن تكون لهم وجهة نظر معينة، الأمر نفسه تكرر في الإخراج وهو ما انعكس علي مستوي المسلسلات التي تقدم وظهرت أقل بكثير من المتوسط.
* وما هو موقع الممثل من ذلك؟
- ليس مطلوبا من الممثل أن تكون لدية ثقافة بما يجري حوله، فالمهم أن يمتلك موهبة بعكس المؤلف والمخرج، كما أن وجود الإعلانات لم يسبب أي أضرار للعمل، كما أعتقد البعض، بل العكس أفادت الحركة الفنية، وكانت هي السبب في زيادة عدد المسلسلات إلي أن وصل إلي هذا الكم.